مقدمة
لقد عرفت البشرية الإرهاب منذ عهد بعيد، حيث كان من الشائع أن يقوم
فرد أو مجموعة أفراد بارتكاب أعمال عنف ضد جماعة معينة لبث حالة من الرعب والفزع
لدى أعضاء هذه الجماعة بغية تحقيق أهداف محددة. وقد تطور هذا النمط من الإرهاب مع
تطور المجتمع الدولى واستخدامه للتكنولوجيا المتقدمة، حيث قام الإرهابيون باستغلال
هذه التكنولوجيا فى عملياتهم الإرهابية التى انتشرت فى شتى أنحاء المعمورة واكتسبت
طابعاً دولياً، وشهد القرن العشرون العديد من الجرائم الإرهابية بالغة الخطورة
التى خلفت وراءها خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات.
بيد أنه فى الآونة الأخيرة لم يعد ارتكاب الأعمال الإرهابية قاصرا
ًعلى الأفراد والجماعات فحسب، بل أصبح سلاحاً تستخدمه الدول فيما بينها كبديل
للحروب التقليدية، إذ أنه مع التقدم الهائل فى تكنولوجيا الأسلحة والمعدات
الحربية، وامتلاك عدد غير قليل من الدول لأسلحة الدمار الشامل، فقد صارت الحروب باهظة
التكاليف وشديدة الدمار ووخيمة العواقب لكافة الأطراف المتحاربة، الأمر الذى جعل
قرار الدولة باللجوء إلى الحرب قراراً فى غاية الصعوبة والتعقيد، خاصة وأن كافة
المواثيق والاتفاقيات الدولية قد اتجهت نحو تحريم اللجوء إلى الحرب تحريماً
قاطعاً.
وإزاء تصارع الدول واندفاعها نحو تحقيق مصالحها وأهدافها الإستراتيجية
بغض النظر عن مدى مشروعية الوسائل المؤدية إلى ذلك، فإنها غالباً ما تلجأ إلى
ارتكاب أعمال إرهابية - بطرق مباشرة وغير مباشرة - ضد بعضها البعض من أجل تحقيق
مبتغاها، نظراً لأن هذه الأعمال الإرهابية تعتبر منخفضة التكاليف إذا ما قورنت
بتكاليف الحرب التقليدية، كما أنها تُجنب الدولة القائمة بها ضغوط الرأى العام
العالمى أو الإدانة من قبل المنظمات والهيئات الدولية، حيث أن الدولة غالباً ما
تحيط أعمالها الإرهابية بستار من السرية أو تحاول إضفاء نوع من الشرعية على هذه الأعمال
بادعاء مبررات مختلفة كمكافحة الإرهاب أو ممارسة حق الدفاع الشرعى الوقائى أو
غيرها.
وارتكاب جرائم إرهاب الدولة لم يعد قاصراً على دول بعينها، بل أصبح
يمثل ظاهرة عالمية، فالدول الكبرى غالباً ما تلجأ إلى ارتكاب هذه الجرائم ضد غيرها
من الدول بهدف السيطرة عليها وإخضاعها لإرادتها وتوجيهها فى الاتجاه الذى يحقق
مصالحها وأطماعها التوسعية. كما تلجأ الدول المتكافئة عسكرياً إلى ارتكاب هذه
الجرائم ضد بعضها البعض لحسم بعض المنازعات القائمة بينها دون التورط فى حروب
وخيمة العواقب. وتقوم أيضاً الدول الصغرى بارتكاب هذه الجرائم ضد غيرها من الدول
التى تعجز عن مواجهتها عسكرياً بدافع الانتقام أو الرد على اعتداء سابق.
أوضح
(محمد ، 2010، ص 17) بأن ظاهرة الإرهاب تعد المتزايدة في العالم من أخطر أشكال
التهديدات الأمنية التي تواجه الدول لأنها تستهدف في جانب مهم منها أمن واستقرار
ومستقبل مجتمعاتها لاسيما إذ جمع الفعل الإرهابي بين مطامع وأهداف القوى الخارجية
التي لا تريد استخدام أدواتها المباشرة وإنما بالاعتماد على محركات في خلق الأزمات
داخل الدول المستهدفة أو استغلال حدودها أو الظروف السياسية المحيطة أو في أحيان
أخرى تفرق في لحمة ونسيج المجتمع داخل تلك الدولة وقد يشجع فئة من فئاته إلى سلوك
يلحق الضرر في المجتمع مما يهدد سلامته بما في ذلك استخدام العنف وصولاً لتحقيق
أهداف سياسية أو مصالح فئوية قد تنعكس في جانب منها خدمة لأطراف خارجية إقليمية أو
دولية
وأشار
(رمضان ،2011، ص 267) بأن السنوات
الأولى من القرن الحادي والعشرين الميلادي شهدت تصاعداً ملحوظاً في العمليات
الإرهابية كانت أشدها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة تحت ما يسمى
بالشرق الأوسط، حيث تم فيها احتلال العراق وقبلها أفغانستان بالإضافة إلى
التهديدات المستمرة لعدد من الدول في المنطقة ومحاولة تغيير ملامح المنطقة من خلال
طرح مشاريع تقسيم الشرق الأوسط.
وعرف (هلال ، 2010
،38 ) الإرهاب الدولي بأنة
استخدام العنف والقوة في إطار منظم، وغير مشروع، يرتكبه فرد أو دولة ضد
أشخاص، هيئات، أو مؤسسات، أو ممتلكات تابعة لها بهدف التأثير على السلطة أو
المدنيين، وذلك من خلال نشر الرعب والخوف، من أجل تحقيق أهداف معينة، سواء أكانت
سياسية أم اقتصادية، أم اجتماعية، وأن يكون هذا الاستخدام للقوة والعنف لغير
الدفاع عن النفس، أو الدين أو مقاومة العدوان والتحرر من الاحتلال.
والإرهاب ينطوي على خطورة نفسية تتمثل في إشاعة الرعب والرهبة في نفوس
الناس ، حيث يشعر كل فرد بأنه الضحية المحتملة القادمة ، مما يهدد أمن الفرد
والاستقرار في المجتمع ، بالإضافة إلى ما ينتج عن الإرهاب من خسائر مادية في صورة
تخريب أو تدمير للممتلكات الخاصة والمرافق العامة ،
وتقاس خطورة الإرهاب بقدرته على نشر الخطر
، فكل انفجار مروع أو حادث اغتيال في أية منطقة من العالم ، يدفع إحساساً بالخوف
والقلق على مستوى العالم ، وليس على مستوى المكان الذي وقع فيه فحسب ، لأن الإرهاب
ليس محدوداً بمناطق جغرافية معينة أو أشخاص بذواتهم
وان الأزمات التي تمر بها الدول تمثل نقطة
حرجة وحاسمة، وفي كيان الدولة تختلط فيها الأساليب بالنتائج مما يفقد القادرة
قدرتهم على التعامل معها، واتخاذ القرارات المناسبة حيالها في ظل نقص المعلومات
وضيق الوقت الأمر الذي يؤدي إلى إعاقة (مواجهة الأزمة) عن تحقيق أهدافه وأشار إلى
ان الدول المعاصرة تواجه أنواعاً متعددة من الأزمات التي تختلف في أسبابها
والمستويات وشدة تأثيراًتها ودرجة تكرارها نتيجة التغيرات البيئية والسريعة
والمفاجئة لأسباب مختلفة سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية أم تربوية أم نفسية أم
بيئية أم الأمنية، الأمر الذي يشير إلى ان الأزمة تعد ظاهرة حتمية (بن سليمان ،2009 ،28) .
تشكل ظاهرة الإرهاب منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي (القرن
العشرين) أكبر خطر يهدد أمن واستقرار حياة الشعوب. لذا فقد أولت العديد من
الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية بكافة أشكالها وانتماءاتها جُلّ اهتماماتها من أجل التصدي لهذا الوباء اللعين، وحدث نوع من
التكاتف والتعاون بين تلك الحكومات والمنظمات الدولية (عبد الله ،2010،219).
ويعتبر إرهاب الدولة من أخطر صور الإرهاب، نظراً لما يترتب عليه من
أضرار فادحة فى الأرواح والممتلكات، وإخلال بالنظام الدولى العام، ومساس بمصالح
الشعوب الحيوية وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتهديد للسلم والأمن الدوليين.
قائمة
المراجع
أولا: المراجع العربية
أحمد بن سليمان (2009) إدارة الأزمة في الحدث الإرهابي، ، مجلة
الأمن والحياة، العدد (4-3) السنة الثامنة والعشرون
أسامة حسين محي ( 2008) جرائم الإرهاب على المستوى الدولي
والمحلى دراسة تحليلية ، رسالة دكتوراه
كلية جامعة القاهرة
جمال زايد هلال ( 2010) الإرهاب وأحكام القانون الدولي، الطبعة الأولى،
عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد.
2010
حسين وحيد ، علي جبار ، ( 2012) ، ماهية الإرهاب الدولي
ومراحل تطوره ، مجلة كلية
التربية الأساسية/ جامعة بابل ، العدد رقم 8
حمدان
رمضان ( 2011) الإرهاب الدولي وتداعياته على الأمن والسلم
العالمي: دراسة تحليلية من منظور اجتماعي، مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية،
المجلد الحادي عشر، العدد الأول، ص ص 267 – 292.
زناتي
محمد سعيد (2014) اثر مكافحة الارهاب الدولي علي سيادة الدول،
رسالة ماجستير غير منشورة جامعة قاصدي مرباح ، الجزائر
طارق
محمد نور تهلك (2007) المواجهة
التشريعية للجرائم الإرهابية (دراسة مقارنة)
كلية الحقوق جامعة القاهرة ، 2007
عبد الحفيظ عبد الله (2010) نحو مجتمع آمن فكرياً: دراسة تأصيلية
وإستراتيجية وطنية مقترحة لتحقيق الأمن الفكري، الطبعة الأولى، مطابع الحميضي،
الرياض ،
عبد الرزاق
محمد (2010 ) الدعاية والإرهاب، الطبعة
الأولى، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق