كيفية اختيار موضوع للدراسة :
وهي عملية تحديد المشكلة العلمية التي تتطلب حلا علميا لها, من عدة فرضيات
علمية, بواسطة الدراسة والبحث والتحليل لاكتشاف الحقيقة أو الحقائق العلمية
المختلفة المتعلقة بالمشكلة محل البحث, وتفسيرها واستغلالها في حل ومعالجة القضية
المطروحة للبحث العلمي.
ـ الإحساس بالمشكلة:
الإحساس بالمشكلة يعتبر نقطة البداية في أي مجهود للبحث العلمي, فهي تتطلب
( المشكلة ) إجابات شافية على تساؤلات الفرد واستفساراته.
وتعتبر هذه المرحلة من أولى مراحل إعداد البحث العلمي والأكثر صعوبة ودقة, نظرا لتعدد واختلاف عوامل ومقاييس الاختيار, حيث توجد عوامل ومعايير مقاييس ذاتية نفسية وعقلية واجتماعية واقتصادية, ومهنية تتحكم في عملية اختيار الموضوع.
أ ـ العوامل الذاتية:
ـ الاستعداد والرغبة النفسية الذاتية: يحقق عملية الارتباط النفسي بين
الباحث وموضوعه. وينتج عن ذلك المثابرة والصبر والمعاناة والتحمس المعقول والتضحية
الكاملة للبحث.
ـ القدرات: العقلية, سعة الاطلاع, التفكير والتأمل, الصفات الأخلاقية مثل
هدوء الأعصاب وقوة الملاحظة وشدة الصبر والموضوعية والنزاهة والابتكار إلى غير ذلك
من الصفات والقدرات.
ـ نوعية التخصص العلمي: يختار الباحث موضوع بحثه في نطاق تخصصه العلمي,
بوجه عام أو في أحد فروع تخصصه, فهو عامل أساسي في اختيار الموضوع.
ـ طبيعة موقف الباحث: فيختار الباحث موضوع بحثه بما يتناسب مع مركزه العلمي
والاجتماعي والسياسي, وما إليها من الاعتبارات تسهيلا على الباحث في عملية البحث
في نطاق الوظيفة الممارسة.
ـ الظروف الاجتماعية والاقتصادية:
ب ـ العوامل الموضوعية:
1 ـ القيمة العلمية للموضوع: يجب أن يكون الموضوع ذو قيمة علمية نظرية
وعملية حية ومفيدة في كافة مجالات الحياة العامة والخاصة, مثل حل المشكلات
الاجتماعية والاقتصادية القائمة.
2 ـ أهداف سياسة البحث العلمي المعتمدة: وذلك نظرا لارتباط البحث العلمي
بالحياة العامة الوطنية والدولية, ونظرا لارتباط وتفاعل التكوين والبحث العلمي
بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الدولة. وذلك دون التضحية بقيم حرية
الفكر والحياة العلمية, وبدون التضحية بقيم التفتح على عالم الخلق والإبداع
الإنسانيين.
3 ـ مكانة البحث بين أنواع البحوث العلمية الأخرى: فقد يكون البحث مذكرة
الليسانس أو الماجستير وقد يكون في صورة دراسة خبرة مقدمة لمكاتب الدراسات ومخابر
الأبحاث.
فنوعية البحث تتحكم في تحديد الموضوع الصالح للبحث.
4 ـ مدى توفر الوثائق والمراجع: حيث توجد الموضوعات النادرة المصادر
والوثائق العلمية, وهناك الموضوعات التي تقل فيها الوثائق العلمية المتعلقة
بحقائقها, كما توجد الموضوعات الغنية بالوثائق والمصادر العلمية الأصلية. وهو عامل
أساسي جوهري في تحديد واختيار الموضوع.
والوثائق العلمية هي جميع المصادر والمراجع الأولية والثانوية التي تحتوي
على جميع المواد والمعلومات والمعارف المكونة للموضوع, والتي تشكل في مجموعها طاقة
للإنتاج الفكري والعقلي في ميدان البحث العلمي, وهذه الوثائق قد تكون مخطوطة أو
مطبوعة أو مسموعة أو مرئية.
ـ القواعد الأساسية في تحديد المشكلة:
1 ـ وضوح موضوع البحث:
أن يكون موضوع البحث محددا, وغير غامض أو عام, حتى لا يصعب على الباحث
التعرف على جوانبه المختلفة فيما بعد, فقد يدو له الموضوع سهلا للوهلة الأولى ثم
إذا دقق فيه ظهرت له صعوبات جمة قد لا يستطيع تجاوزها, أو قد يكتشف أن هناك من
سبقه إلى دراسة المشكلة ذاتها, أو أن المعلومات التي جمعها مشتتة وضعيفة الصلة
بالمشكلة. وهذا كله نتيجة عدم وضوح الموضوع في ذهن الباحث وتصوره.
2 ـ تحديد المشكلة: وهي أن تصاغ مشكلة البحث صياغة واضحة, بحيث تعبر عما
يدور في ذهن الباحث وتبين الأمر الذي يرغب في إيجاد حل له, ولا يتم صياغة المشكلة
بوضوح إلا إذا استطاعت تحديد العلاقة بين عاملين متغيرين أو أكثر, ومن ثم تصاغ
بشكل سؤال يتطلب إجابة محددة.
3 ـ وضوح المصطلحات: يحذر المتخصصون من إمكانية وقوع البحث في متاعب
وصعوبات نتيجة إهمال الباحث, وعدم دقته في تحديد المصطلحات المستخدمة.
والاصطلاح هو ذلك المفهوم العلمي أو الوسيلة الرمزية التي يستخدمها الإنسان
في التعبير عن أفكاره ومعانيه, من أجل توصيلها للآخرين, فهي إذن التعريفات المحددة
والواضحة للمفاهيم الإنسانية, ذات الصفات المجردة التي تشترك فيها الظواهر
والحوادث والوقائع دون تعيين حادثة أو ظاهرة معينة.
وتحديد المشكلة أو الإشكالية ليس أمرا سهلا كما يتصور البعض, حيث أنه يتطلب
من الباحث دراسة جميع نواحي المشكلة, ثم تعريفها تعريفا واضحا, والتثبت من أهميتها
العلمية حتى تكون جديرة بالدراسة, فيقوم الباحث بقراءة مبدئية عنها ويستنير بآراء
المختصين في ذلك المجال.
ويذهب بعض الباحثين إلى القول بأن أفضل طريقة لتحديد الإشكالية هي وضعها في
شكل سؤال يبين العلاقة بين متغيرين. ويمكن للباحث أن يحدد الإشكالية دون وضعها على
شكل سؤال.
ـ صياغة الفرضيات: بعد أن يحدد الباحث المشكلة، ينتقل إلى مرحلة الفرضيات المتعلقة بموضوع
البحث, ولا يعني هذا أن الفرضيات تأتي في مرحلة فكرية متأخرة عن مرحلة الإشكالية,
وما الفرضيات إلا إجابات مبدئية للسؤال الأساسي, الذي يدور حوله موضوع البحث.
ويعتبر الافتراض مبدئيا, لأن موضوع البحث لا يكون في صورته الأخيرة
الواضحة, وتأخذ الافتراضات بالتبلور والوضوح, كلما اتضحت صورة البحث.
فالافتراضات ما هي إلا تخمينات أو توقعات أو استنتاجات, يتبناها الباحث
مؤقتا كحلول لمشكلة البحث, فهي تعمل كدليل ومرشد له, ويرى بعض الكتاب أن الفرض ما
هو إلا عبارة مجردة, لا تحمل صفة الصدق أو الكذب, بل هي نقطة انطلاق للوصول إلى
نتيجة يستطيع عندها الباحث من قبول الفرض أو رفضه.
وقد وجد الباحثون والمختصون أن الافتراضات الجيدة تتميز بالصفات التالية:
ـ أن يكون الفرض موجزا مفيدا وواضحا يسهل فهمه.
ـ أن يكون الفرض مبنيا على الحقائق الحسية والنظرية والذهنية لتفسير جميع
جوانب المشكلة.
ـ أن يكون الفرض قابلا للاختبار والتحقيق.
ـ أن لا يكون متناقضا مع الفروض الأخرى للمشكلة الواحدة, أو متناقضا مع
النظريات والمفاهيم العلمية الثابتة.
ـ تغطية الفرض لجميع احتمالات المشكلة وتوقعاتها, وذلك باعتماد مبدأ الفروض
المتعددة لمشكلة البحث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق