Wikipedia

نتائج البحث

الجمعة، 10 مارس 2023

العقد الاجتماعي عند روسو

 " جان جاك روسو "([i]) فيلسوف سويسري عاش في فرنسا وكان له دور كبير في توعية الشعب الفرنسي وصولاً به الى الثورة الفرنسية ذات الاهداف العظيمة " الحرية ، العدل ، المساواة " من خلال مؤلفاته لاسيما كتابه " العقد الاجتماعي " والذي ضمنه نظريته السياسية .

العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو

يرى روسو انه ( وجد نفسه منساقاً الى طرح مسألة مغايرة تماماً وجديدة كل الجدة فيما ان الحالة الا[ii]جتماعية ضرورية بالنظر الى ان الانسان لايعود في استطاعه الاستغناء عن معونة الانسان وبما ان هذه الحالة ليست طبيعية بل ترتكز على مواضعات فكيف السبيل الى تعيين شكل من المواضعة يتاح معه للمزايا الاكبر للحالة الاجتماعية ان تتراكب مع مزايا الحالة الطبيعية ، تلكم هي المسألة التي يعالجها " العقد الاجتماعي او مبادئ الحق السياسي " وتأويل هذا المؤلف ليس غاية السهولة . فقد قيل انه يناقض " الخطاب في التفاوت " ولكن هذا القول يجانب الصواب ، فـ " الخطاب في التفاوت " يصور لنا حالة اجتماعية تقوض جميع الصفات التي تكون للانسان في الحالة الطبيعية اما " العقد الاجتماعي " فيطمح الى الاهتداء الى اصل الحالة الاجتماعية يصون تلك الصفات وليس بينهما من تناقض اكثر مما بين نظام التربية الفاسد الذي ادانه روسو في " اميل " والمبادئ الجديدة التي يتطلع الى ان يجعلها محله والحق ان " اميل " و " العقد الاجتماعي " مترابطان بأوثق العرى فهما يدرسان مظهرين اثنين لمسألة واحدة )([iii]) ، واذا كان البحث للاهتداء الى اصل الحالة الاجتماعية سبب وجيه الا ان السبب الاوجه هو اقامة الحكم الصالح كما يرى الدكتور محمد عابد الجابري حيث يقول :

( لاقامة الحكم الصالح في نظر " روسو " يجب التزام ما يلي : يجب الا نسلم بشرعية أية سلطة أو اية امتيازات لايؤسسها الا كونها اقامتها الطبيعة او فرضها قانون الاقوى ، ان السلطة الشرعية الوحيدة التي يجب ان نعترف بها هي تلك التي تقوم على اساس عقد تبرمه الاطراف المتعاقدة فيما بينها ، ان الامر يتعلق بعقد اتحاد فقط ولاتلزم عنه أية طاعة لايٍ كان ؛ ذلك لان الشعب المتعاقد هو وحده مصدر السلطة وهو وحده الذي يمارسها .الشعب وحده صاحب السيادة . وهذا الحق للشعب دون غيره ، حق لايقبل الخلع ولا التجزيئة ، ولايعلن التنازل عنه ككل ولاكأجزاء ، هو حق يجسم السيادة " ذلك هو مفهوم العقد الاجتماعي عند " روسو " وذلك هو البند الوحيد الذي يتألف منه : كل فرد تنازل للمجموع الذي تتشكل منه الارادة العامة ، واذ يعطي كل واحد نفسه للجميع فهو لايعطي نفسه لاحد بعينه ، الكل مرتبط وفي حالة مساواة تامة ، فلا احد رعية لاحد ، وبما ان الشعب لايريد الا المصلحة العامة فبالضرورة يكون لارادات الافراد الخاصة . بل هي الارادة التي تريد المصلحة العامة وليس المصلحة الخاصة )([iv]) ويّواصل الدكتور الجابري عرض تفاصيل هذه النظرية عند " روسو" فيقول : ( إن الشعب بوصفه على هيئة كيان واحد لايمكن ان تكون له إرادة اخرى غير الارادة العامة.

الارادة العامة هي التي تؤسس الدولة ، وليست الدولة الا التعبير المجسم عن هذه الارادة ، هكذا يتحول الانسان من حال الطبيعة الى حال المدينة فيصبح الانسان الطبيعي انساناً قد تغيرت طبيعته فاصبح مواطناً : لقد حلت العدالة في سلوكه محل الغريزة فاصبح كائناً اخلاقياً بعد أن كان كائناً طبيعياً )([v]) ويتحدث روسو عن طبيعة هذا العقد قائلاً : ( هذا العمل هو الاتفاق الاختياري المطلق بين آراء افراد الناس جميعاً ، على ان يجتمعوا ليقيموا مجتمعاً حراً ، فكانوا بعد ذلك شعباً مشترك المصالح والاغراض ، وبالحقيقة فان هذا الاتفاق كان اتفاقاً اجماعياً مطلقاً ولم يكن باغلبية الآراء ، لان اقرار قانون العمل باغلبية الاراء نفسه لم يكن قد اتفقت عليه الجماعة والحلة هذه في القديم الا باجماع الآراء ، او بالاحرى باتفاق آراء الجماعة المطلق على ان يكون العمل بأتفاق اغلبية الآراء امراً شرعياً، والا كيف يمكن لنا ان تفسير خضوع الاقلية لرأي الاغلبية وماتختار ؟ او كيف يمكن ان يكون لمائة من الرجال الحق في التصويت لاقامة احد السادة عليهم حاكماً ، بالنيابة عن عشرة من بينهم لم يكونوا راضين بسيادته ، ولو لم يكن هناك سابق اختيار في الاتفاق على العمل بمقرارات الاغلبية دون الاقلية من الافراد )([vi])

ويعتقد روسو ايضاً ان هذا العقد موجود فطرياً في كل اجتماع ، وان اي تغير في مواده يفقد هذا العقد اهميته يقول روسو في وصفه لهذا العقد ( انه عقد تكون مواده وبنوده موجودة ضمنا في كل اجتماع قائم كامور غير قابلة للتبديل ومسلم بها فهي ثابثة ادبيا انى كانت رغم عدم وجودها على شكل وثيقة تعرض في المجتمعات بشكل مواد وفقرات ، وانه عقد بلغت موداه من الدقة درجة بحيث ان اقل تحوير او تعديل فيها مهما كان طفيفاً ، يفقدها اهميتها وتأثيرها ويجعل وجودها في حدود الغاية الموجودة من اجلها عبثاً ، وانه عقد دائم لن ينتهي مفعوله الا بخروج الانسان المتعاقد على الميثاق حيث يسترجع بذلك حقوقه الاصلية ويباشر حريته الطبيعية بعد خسرانه الحرية الاجتماعية التي كان يتمتع بها في المجتمع )([vii])

ويواصل روسو وصف هذا العقد فيقول : ( وانه عقد ليس بالمعقد بل هو غاية في البساطة ، يكان ينخفض عدد بنوده الى حد البند التالي : " انه بعد الانتقال من حالة الطبيعة الى حالة المجتمع ، يكون مجموع ما تخلى عنه جميع الافراد ، وبضمنه كافة حقوق كل فرد ، من حق الهيأة الاجتماعية " وعليه وبعد الاتفاق على مثل هذا الميثاق ، فان الحال سيكون مع الجميع متساوياً ، وبعبارة اخرى فان كلاً من الجماعة المتفقين سيكون في حالة وظروف لاتختلف عنها لدى اي فرد آخر من الجماعة داخل محيط الحياة الجديدة وذلك كنتيجة لتخلي كل فرد من الافراد عن نفسه تخلياً مطلقاً ، وبعده فلم يبق لاي كائن ماكان مطلقاً ، الحق في ان يحمّل الجماعات اي ماثقل ويؤدي الى العبودية والبؤس والشقاء )([viii]) ولهذا العقد خطوات تدفعه الى الامام الى جانب ماذكرنا على لسان روسو حيث يقول :
( وخطوة اخرى بهذا الخصوص الى الامام ، فانه كلما كان انتقال الافراد وحقوقهم برمتها دونما احتفاض الفرد باي شيء منها ، الى ملكية الجمهور ، كلما كان عقد الاجتماع اقوى واثبت وابقى ، اذ سوف لايبقى في هذه الحالة لاي فرد من الافراد الحق في ان يكون في حالة او وضع يمتاز به عن وضع وحال غيره . ذلك ان استبقاء الافراد لبعض حقوقهم او احتفاظهم بحقوق معينة ضمن المجموع في الوقت الذي ماوجد فيه الحاكم او المسيطر الاعلى القاضي بين الافراد والجماعة بعد ، سيحتم ان يقف الافراد الممتازون عن غيرهم ببعض الحقوق المحتفظة ، موقفاً يتفق ومصالحهم الشخصية )([ix]) بيد ان هذه الحقوق لاتمكن الفرد من العبث في مقدارات المجموع بحجة الحق الطبيعي ( فذلك لايعني بان كلاً من هؤلاء الافراد سيتحكم داخل المجتمع بالشكل الذي يخوله اياه ذلك الحق كما كان عند حياته الطبيعية )([x]) ويوضح روسو ذلك بتفصيل اعمق فيقول : ( وبعبارة ادق ، فان حالة الحياة على الفطرة والحلة هذه ، لم تزل قائمة بعد ، اما استمرار وجود هذه الحالة او هذا النوع من الحياة ضمن حدود الحياة الاجتماعية بعد الانتقال من الطبيعة ، فانه لايعني غير استعباد الافراد الذين احتفظوا ببعض الحقوق ، للجمهور الذي تخلى عن حقوقه كلها . مثل هذا الاجتماع عديم الفائدة لعدم توفر المساواة فيه بين اعضاء الهيئة الاجتماعية . فلاجل تأمين حماية المساواة بين الافراد مطلقاً كيما تعم الفائدة الجميع ، فانه اما ان يتنازل الافراد الممتازون عن حقوقهم التي احتفظوا بها ، أو ان يرجع الجميع الى حالة الحياة الطبيعية التي عندها يكون الافراد متساوين بامتلاك كل منهم لكافة حقوقه لاينازعه فيه احد )([xi]) وبهذه الحالة لايكون هناك عقد فلاتمام هذا العقد على الوجه الصحيح لابد من ان يتنازل الافراد الممتازون عن جميع حقوقهم للمجموع لكي لايصبح لفرد ما على آخر ميزة تميزه عن الآخرين ، فعليه ( فان تخلي كل فرد عن نفسه للجماعة ، لايعني بأن هذا التخلي او التنازل قد جرى لشخص معين بالذات . وعندها فانه لم يعد في المجتمع فرد يملك حقاً في سيادة غيره كما لم يعد هناك من أحد يوجب عليه للآخرين الخضوع . وفي مثل هذه الحالة ايضاً ، تكون الجماعة كلها قد احرزت حقوقاً متساوية فيما بين افرادها وأن الانسان الفرد قد ربح المساواة عوضاً عن كل ما خسره من قوة ، ماكانت قد فقدت منه في الحقيقة ، انما حفظت له لتتضاعف مع غيرها التي للآخرين فتصبح بموجبه قوة كبيرة تحافظ على مايملكه هو وما يملكه غيره من حقوق دونما حاجة الى ان يبقى من تلك القوة شيء لديه لتحقيق هذا الغرض او ليطمئن بواسطة هذا الاستبقاء على ما يملكه من حقوق )([xii]) وبعد استبعاد كل ما يخل بصلب هذا العقد فأننا نرى ان روسو يحد علاقة كل فرد من افراد هذه الجماعة بالصورة بالصورة التالية : يقول روسو :
( " يضع كل منا نفسه وقواه بصورة مجتمعة تحت التوجيه السامي للارادة العامة.

لقد ( قرر روسو ايضاً ان الجماعة ، او عامة المواطنين ، هي المكون الاساس للاجتماع السياسي والدولة ، وان انتظام الاجتماع السياسيرهين بتحقيق قدر عال من الحريات العامة والمساواة بين اعضاء المجتمع وتتمتع بأهمية خاصة لانها ساهمت ـ الى حد بعيد ـ في تحرير الفلسفة السياسية من التأثيرات العميقة للفلسفة وقدمت تصوراً جديداً للمجتمع السياسي بأعتباره مجتمع المواطنين جميعاً)([xiii]) لقد كان العقد الاجتماعي مرادفاً لمعاني آخرى باعتبار ان المرجعية الاوربية هي مصدر هذه المصطلحات فـ ( اذا ما اعتمدنا الى التعامل مع هذا المفهوم كما هو داخل المرجعية الاوربية . وفي هذا الاطار حددنا مضامينه من خلال المسار التأريخي الحديث لهذه المرجعية ، فميزنا فيها بين اربعة مفاهيم مؤسسة تشكل في مجموعها المضمون العام لـ " الاصلاح " كما تحقق في اوربا والولايات المتحدة الامريكية . هذه المفاهيم هي " العلمانيّة ، العقد الاجتماعي ، حقوق الانسان ، ثم مفهوم المجتمع المدني " )([xiv]) واذا كانت هذه المفاهيم مرتبطة نصل الى حقيقة ان روسو كان يؤسس لكل هذه المفاهيم من خلال نظريته في العقد الاجتماعي . فمن خلال هذا العقد تحفظ حقوق الانسان لاسيما الدينية منها من خلال العلمانية التي تستبعد سيطرة الكنيسة على مقدرات الشعوب وبالتالي تؤسس لمجتمع مدني بمعنى انه يخضع للقوانين البشرية المدنية خلافاً لما كنت تدعيه الكنيسة من الحق الالهي



([i])  ولد سنة 1712م في مدينة جنيف وكان ابوه ساعاتياً . اكمل دراسته العالية في تورين . رعته مدام دي فارين وكانت عونه لمدة عشر سنوات حتى سنة 1740م . دعاه الفيلسوف الانكليزي المعروف دافيد هيوم لزيارته في انكلترا عام1766م .عاد الى فرنسا عام 1770م . توفي في 1778 قبيل الثورة الفرنسية بعشر سنوات . من اهم اثاره

1.بحث في العلوم والفنون .

2.بحث في الاصل في عدم المساواة .

3.بحث في الاقتصاد السياسي .

4.أميل .

5.العقد الاجتماعي . ينظر مقدمة العقد الاجتماعي او مبادئ الحقوق السياسية ، تعريب عبدالرحمن الخال ، ص 3ـ 4 .

وجان جاك روسو ... فيلسوف وكاتب ومحلل سياسي سويسري اثرت افكاره السياسية في الثورة الفرنسية وفي تطور الاشتراكية ونمو القومية . وتعدّ مقولته الشهيرة " يولد الانسان حراً ولكننا محاطون بالقيود في كل مكان " والتي كتبها في اهم مؤلفاته " التعاقد الاجتماعي " تعدّ افضل تعبير عن افكاره الثورية وربما المتطرفة . ينظر ول ديورانت ، قصة الحضارة ، بحث روسو والثورة . مؤسسة المعارف . و يرى ول ديورانت ان جاك جان روسو قد شغل الجمهور المثقف في عصره منذ أن اصدر كتابه الاول تحت عنوان " خطاب عن العلوم والفنون " عام 1751م وبعد أن تلاحقت كتبه وراء بعضها البعض وتزايدت شهرته حتى وصلت الى مستوى شهرة فولتير واكثر بعد موته .... ومعلوم ايضاً انه كان ملاحقاً في السنوات الثلاث الاخيرة من حياته وممنوعاً عن النشر بقرار من السلطات العليا في فرنسا وسويسرا .... ينظر الموقع www.maktabetellosra.com

([iii])  اميل بريهه ، تأريخ الفلسفة ج5 ، ص      .

([iv])  محمد عابد الجابري ، بحث " العقد الاجتماعي والجمعية التأسيسة " مجلة الاتحاد الاماراتية ، العدد    السنة     ، ص4 .

([v])  المرجع السابق نفسه ، ص4 .

([vi])  جان جاك روسو ، العقد الاجتماعي ، تعريب ابراهيم عبدالرحمن الخال ، ص52 .

([vii])  نفس المصدر السابق ، ص56 ـ 57 .

([viii])  روسو ، العقد الاجتماعي ، ص57 ـ 58 .

([ix])  المصدر السابق نفسه ، ص58 .

([x])  المصدر السابق نفسه ، ص58 .

([xi])  المصدر السابق نفسه ، ص58 ـ 59 .

([xii])  روسو ، العقد الاجتماعي ، ص59 ـ 60 .

([xiii])  www.rasid.com

([xiv])  www.libya-alyoum.com 


ليست هناك تعليقات: