Wikipedia

نتائج البحث

الثلاثاء، 7 مارس 2023

مسرحيتا (محمد) لفريد رش فولف وتوفيق الحكيم دراسة نقدية مقارنة في ضوء نظرية التلقي

 

يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على عملين تجاهلهما النقد الأدبي إلى حد كبير وهما مسرحية "محمد" للكاتب الألماني فريد رش فولف وكتاب محمد للكاتب المصري توفيق الحكيم. ويندر أن نجد لمسرحية فولف نقداً تفصيلياً في أي كتاب عن حياته وأعماله، وذلك باستثناء رسالتين للدكتوراه كتبا عن محمد في الأدب الألماني أحدهما للنمساوي ل.ليكسنر والثاني للعراقي عدنان رشيد ومسرحية فولف تقدم مشاهد من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة منذ نزول الوحي عليه ومحاولة الدائبة لإقناع كفار قريش بالرسالة والدين الجديد ولاقى من الكفار مقاومة وإيذاء شديداً، أي أن المسرحية تقتصر على الفترة الواقعة منذ نزول الوحي إلى هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، أما كتاب "محمد" لتوفيق الحكيم فيتناول حياة الرسول منذ مولده حتى وفاته وتضم 95 مشهداً حوارياً التزم فيها الكاتب التزاماً حرفياً أميناً بالنصوص والأقوال التي وردت في المراجع المعتمدة للسيرة النبوية الشريفة ولم يضف إليها- شيئاً من عنده.

 وتنقسم الرسالة إلى مقدمة وأربعة فصول وفصل خامس هو خاتمة الرسالة، أبرزنا في المقدمة أسباب اختيار الموضوع وأهميته والمناهج المستخدمة في الرسالة مع عرض موجز سريع لفصول البحث. وفي الفصل الأول تم التعريف بعدد من أهم المؤلفات التي تناولت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفاحه في سبيل تبليغ الرسالة سواء في اللغة الألمانية أو اللغة العربية. ففي اللغة الألمانية تم عرض الشذرات التي كتبها جوته أثناء انشغاله في شبابه بشخصية الرسول وحياته وهي "أنشودة محمد" والحوار بين فاطمة وعلي، ومشروع مسرحية لم ينجزها وإنما تحدث عنه في الفصل الرابع عشر من سيرة حياته "شعر وحقيقة".

ثم تناولت باختصار بعض المسرحيات التي اختارتها كأمته عن تنوع الاتجاهات فيما كتب عن الرسول صلى الله عليه وسلم. المسرحية الأولى "محمد" هي للكاتبة الرومانسية كارولينا فون جندرودة، وهي تتميز برؤيتها الرومانسية والمثالية الشديدة لشخصية محمد والمسرحية التالية عن "محمد" للمستشرق النمساوي الشهير يوسف فون همر بورجشتال، وهي مسرحية تاريخية قصد منها المؤلف أن ينصف الإسلام والرسول وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها الكثير من الكتاب الذين تناولوا حياة الرسول قبله ثم عرضت باختصار رواية للكاتب التعبيري كلابند التي استمدها من الترجمة الألمانية لسيرة ابن إسحاق وصاغها برؤية وأسلوب تعبيري وقد تناولت كذلك عدد من أهم الكتب التي صدرت عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم باللغة العربية في نفس الفترة التي ظهر فيها كتاب توفيق الحكيم عن محمد وذكرت هذه الكتب باختصار لأبين أن النزعة العقلانية والتنويرية كانت هي الغالبة عليها في تناول شخصية محمد هذه الكتب هي (عبقرية محمد لعباس محمود العقاد)، (وعلى هامش السيرة للدكتور طه حسين) و(حياة محمد لمحمد حسنين هيكل) وذلك لإلقاء الضوء على العقلية والروحية السائدة في مصر ابتداء من عشرينات القرن الماضي إلى منتصف القرن.

في الفصل الثاني تناولت بالنقض والتحليل مسرحية محمد لفريد رش فولف التي كتبها أثناء الحرب العالمية الأولى سنة 1917م وقدمت لهذه الفصل بالكلام عن حياته واتجاهه إلى الحركة الاشتراكية بعد كتابة هذه المسرحية وذكرت بعض مسرحياته المشهورة التي كتبها بعد انضمامه للحزب الشيوعي، وقد قمت بتحليل نقدي لمسرحية "محمد" التي غلب عليها الأسلوب والرؤية التعبيرية، حيث كانت الحركة التعبيرية السائدة في تلك الفترة التي كتبت فيها المسرحية وأثر هذا على بناء الشخصيات والمشاهد وعلى فكر الكاتب ورؤيته الإنسانية، إذ تبين لي أنه استخدم شخصية محمد لتنطق بلسانه عن نزعته نحو السلام والأخوة البشرية ومقاومته للحرب. وقد قمت بتحليل مقدمة المسرحية وفصولها الأربعة، ووقف عند تحليل الشخصيات وبينت كيف أن الرؤية التعبيرية مع التراث اليهودي للكاتب قد أثر تأثيراً كبيراً على كتابته المسرحية ورؤيته المسيانية أو الخلاصية لشخصية الرسول.

وفي الفصل الثالث تناولت كتاب توفيق الحكيم "محمد" وبينت أنه شكل حواري جديد لم يسبق أحد إليه في كتابة السيرة النبوية الشريفة، كما أكدت أنه أبعد ما يكون عن البناء الدرامي الدقيق، وذلك هو الذي أكده من قبل الناقد الأدبي الكبير الدكتور محمد مندور في الكتاب الذي وضعه عن مسرح توفيق الحكيم ولم يعرض فيه بالتفصيل إلا للتطور المسرحي للكاتب ومسرحياته الكبرى التي كتبها بعد عودته من باريس.

وقد قمت لهذا الفصل بنبذه عن توفيق الحكيم وتطوره المسرحي، كما حللت هذه السيرة تحليلاً نقدياً وبينت أن الكاتب لم يلتزم تمام الالتزام بما تعهد به المقدمة من الالتزام بالنصوص الأصلية لبعض السير الكبرى المعروفة في التراث.

في الفصل الرابع عقدت مقارنة بين العملين ووقفت عند بعض النقاط التي تسمح بالمقارنة بينهما مثل شخصية "محمد" عند الكاتبين، وشخصية السيدة خديجة الزوجة الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم في مسرحية فولف بينما عند توفيق الحكيم تمتد الفترة الزمنية من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى وفاته، وأخيراً تكلمت عن المفهوم المعجزة عند الكاتبين وبينت أن الرؤية التعبيرية في فهم المعجزة تطغى على الكاتب الألماني إذ يضع المعجزة في القلب الإنساني العامر بالحب والرحمة، بينما تتجلى المعجزة عند توفيق الحكيم في القرآن الكريم كما ذكر بعض المعجزات الأخرى التي وردت في عدد من كتب السيرة وقد عرضت في هذا الفصل أيضاً آراء بعض الكتاب عن مفهوم المعجزة مثل المفكر محمد حسنين هيكل الذي يؤكد أن المعجزة الحقيقة في الإسلام هي القرآن الكريم وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن في حاجة إلى أي معجزات أخرى لتأكيد صدق نبوته وعظم رسالته.

أما في الفصل الخامس والأخير وهي خاتمة البحث فقد عرضت لنتائج البحث لشيء من التفصيل وأهم هذه النتائج تتلخص في:-

أولاً: إن الكاتب الألماني قد وقع تحت سيطرة النزعة التعبيرية سواء في الأسلوب أو الرؤية أو البناء الدرامي أو تصويره لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم كملخص وصاحب نزعة سلامية وبينت أيضاً أن الكاتب قد تأثر بتراثه اليهودي لتصويره لشخصية محمد عليه الصلاة والسلام عندما كان لا يزال صغيراً والذي تحدثت عنه بالتفصيل في الفصل الرابع.

ثانياً: إن الكاتب المصري قد التزم التزاماَ شديداً بالنصوص التراثية التي وردت في كتب السيرة والتاريخ المشهورة ويذكر لتوفيق الحكيم أنه أول المجددين في كتابة السيرة النبوية الشريفة إذ وضعها على هيئة مشاهد حوارية والتزم تماما الالتزام بالنصوص والأقوال والأفعال المأثورة في السيرة التراثية وتكاد بعض المشاهد في سيرته الحوارية أن تكون فصولاً لمسرحية متكاملة مثل مشهد غزوة أحد ومشهد انتقال
الرسول
الكريم إلى الملأ الأعلى وقد بينت أنه على الرغم من أن بعض المشاهد التي ذكرتها تكاد تكون مسرحية من فصل واحد من ناحية قيمتها الفنية والمسرحية ولكن عمل توفيق الحكيم ككل لا يمكن اعتباره عملاً من الأعمال الدرامية المتكاملة البناء لأنه يفتقد أن البناء الدرامي من حيث وحدة الزمان والمكان والحدث والواقع أن هذا العمل لا يصلح إلا للقراءة للاستمتاع بقراءة السيرة بهذا الشكل الحواري غير المألوف ولكن من المستحيل بطبيعة الحال في أن يفكر أحد في العالم الإسلامي أن يخرجه على المسرح.

ملخص رسالة ماجستير

المقدمة من الباحثة/ نوران عبد الغفار مكاوي

"تحت عنوان"

مسرحيتا (محمد) لفريد رش فولف وتوفيق الحكيم

دراسة نقدية مقارنة في ضوء نظرية التلقي

 

ليست هناك تعليقات: