Wikipedia

نتائج البحث

الثلاثاء، 7 مارس 2023

مظاهر الغنائية في شعر أحمد رامي" دراسة أسلوبية (ملخص)

 

ولد أحمد رامي في 9 أغسطس عام 1892 ، بحي الناصرية بالسيدة زينب بالقاهرة والنغم ملء أذنيه ؛ فقد ولد في مندرة لا تخلو من عازف أو مغنٍ من أصدقاء والده هواة الموسيقى ، وأخذت الأنغام مسراها إلى مهد الغلام الوليد ، فأخذ ينصت إلى الغناء في مهده تاركاً البكاء ، وبهذا منحته الطبيعة إحدى وسائل الشعر وهي الغناء والطرب . وعندما تجاوز أحمد سنوات الطفولة الأولى ، اصطحبه والده معه في سفره إلى جزيرة طاشيوز ، إحدى جزر بحر إيجه على بعد ست ساعات بالمركب الشراعي بين مدينة قولة مسقط رأس محمد علي ، حيث كان والده يعمل طبيباً بالجيش الألباني هناك ، حينما كانت تلك الجزيرة تابعة للحكم التركي ، ذهب أحمد مع أبيه ، وقضى بها عامين كاملين ؛ ذهب وسنه السابعة ، وعاد وسنه التاسعة ، وتلك هي سنوات التفتح في أخيلة الطفولة ، ومرة أخرى تمنحه الطبيعة وسيلة ثانية من وسائل الشعر وهي الخيال ، وهكذا تفتح خيال الشاعر على غابات اللوز والنقل والفاكهة والبحر والموج والشاطيء . وعاد رامي من هذه الجنة ليلتحق بالمدرسة في القاهرة ، عاد وقد أتقن اللغتين التركية والرومية ، وهما لغتا أهل تلك الجزيرة ، ترك أحمد أبويه هناك وأقام عند بعض أهله في بيت يقع في حضن المقابر بحي الإمام الشافعي ، فاستوحشت نفسه وانطوت على هم وحزن عميقين ، وبهذا تدخلت الطبيعة مرة ثالثة في تكوين شاعرية هذا الشاعر من أجل منحه وسيلة ثالثة من وسائل الشعر وهي التأمل والسكون والحزن ،  وكلها أشياء تعمق رؤية الشاعر. عاد رامي من الجنة إلى اليباب وجو من الصمت قريب من الكآبة ، فتعلم رامي الحزن العميق . دخل أحمد رامي كتّاب الشيخ رزق ، ثم مدرسة السيدة عائشة ، ثم مدرسة المحمدية عام 1903 ، وعندما عاد أبوه من طاشيوز ، عادت الأسرة إلى بيتها القديم بحي الناصرية ، ولكن سرعان ما التحق والده بالجيش ، فسافر إلى السودان وترك أحمد في رعاية جده ، وهو شيخ في السبعين يسكن بحي الحنفي ، فعاودته الوحشة ، وكادت تعصف به لولا أن خفف حدتها نافذة في غرفته كان يطل منها على تخوم مسجد الحنفي ، ليستمع طيلة الليل إلى مجامع المتصوفة يتلون أورادهم ، ويرددون ابتهالاتهم واستغاثاتهم في نغم جميل ، وتتدخل الطبيعة مرة رابعة لمنحة عنصراً رابعاً من عناصر تكوين شاعريته ؛ وهو النغم الصوفي المتمثل في التراتيل والأوراد الروحانية والتي تركت آثارها على شعر رامي فيما بعد .

لعب كتاب "مسامرة الحبيب في الغزل والنسيب" دوراً مهماً في حياة رامي ؛ فقد احتوى هذا الكتاب على مختارات من شعر العشاق المتغزلين ، وفي أثناء دراسته بمدرسة الخديوية الثانوية ، تعلقت نفسه بحب الأدب ، فكتب وهو في هذه السن الصغيرة أول قصيدة في حياته ، كان مطلعها :

              - يا مصرُ أنتِ كنانةُ الرحمنِ     في أرضه من سالفَ الأزمانِ

ومن الطريف أن تكون أول قصيدة يكتبها رامي وطنية ، وكأنه تعلم من عشق وطنه العشق والغزل .

التحق رامي بمدرسة المعلمين ، وتخرج منها عام 1914 ، وكان همه الأول أن يتصل بالشعراء ، كشوقي ، وحافظ ، وعبد الحليم المصري ، وأحمد نسيم ، وغيرهم . فاتصل بهم وأحبهم وأحبوه .

مارس رامي ثلاثة أنواع من الأدب هي : الشعر الوجداني والعاطفي ، والشعر الوطني ، وأدب المسرح ؛ فقد ترجم رامي ما يربو عن خمس عشرة مسرحية لشكسبير وغيره من كتاب المسرح العالميين ، ومن أشهر ترجماته ؛ رائعة كوبيه "في سبيل التاج" ، و"النسر الصغير" لروستان ، ولشكسبير ترجم "هملت" ، و"يوليوس قيصر" ، و"العاصفة" وغيرها . مثلت معظم هذه المسرحيات على مسارح فاطمة رشدي ويوسف وهبي في زمن غرة المسرح .

ترك رامي الترجمة للمسرح العالمي إلى نظم الشعر ، واشتهر رامي كشاعر فصحى ، إلا أنه سرعان ما ترك نظم الشعر بالفصحى واتجه لكتابة الأغاني بالعامية ، وذلك بعد أن التقى بأم كلثوم وتعلق بصوتها ، فقد كان لقاؤه بأم كلثوم نقطة تحول هامة في مسار حياته الشعرية ، إلا أنه لم يترك نظم الشعر بالفصحى نهائياً ، وكان يعود للنظم بالفصحى بين آن وآخر ، وكأنه أراد أن يؤكد على استمرار وجوده شاعراً فصيحاً بين شعراء الفصحى في ذلك الوقت .

من بين من تأثر بهم رامي من الشعراء تأثراً شديداً ، حتى بان ذلك الأثر في بعض جوانب من شعره ، أحمد شوقي ، وحافظ إبراهيم ، وخليل مطران ، وقد أعدهم رامي أساتذته في نظم الشعر .

حاول رامي أن يطرق باب المسرح الشعري مثل أحمد شوقي ، فكتب مسرحيته الوحيدة "غرام الشعراء" إلا أنها كانت قريبة الشبه بالشعر الغنائي الذاتي ، وبعيدة إلى حد كبير عن سمات المسرح الشعري ، ويبدو أن رامي نفسه أدرك ذلك ، وعلم أنه لم يجد نفسه في المسرح الشعري ، وأنه شاعر غنائي ، فتراجع عن ذلك النوع من الفن ، وكف عنه نهائياً وترك ذلك المجال لغيره من الشعراء الذين يملكون مقدرة تأليف الشعر المسرحي أمثال عزيز أباظة .

وضع رامي فن المونولوج في مصر ؛ وهو نوع من النظم يطور فيه الناظم قالبه الموسيقي واللغوي ، ويستخدم فيه الشاعر أكثر من بحر عروضي ، وتتعدد قوافيه ، فلا يكون على قافية واحدة ، ويأتي على شكل مقاطع ، إلا أن كل مقطوعة تنتهي بقفل من وزن وقافية تختلف عن قفل المقطوعة التالية وهكذا حتى ينتهي المونولوج ، وبهذا يأتي المونولوج على شكل بناء درامي متصاعد يبدأ فيه وجدان الشاعر هادئاً ثم يعلو شيئاً فشيئاً حتى يصل ذروته مع نهاية المونولوج ، مما يساعد الملحن على إدخال التنويع في النغم ، واستخدام المقامات والضروب الإيقاعية المتعددة ، وهو شكل من الغناء الفردي تظهر فيه المناجاة. وكلمة مونولوج تعني في اللغة الإغريقية : الأداء الانفرادي ، ويكتب المونولوج بالفصحى والعامية ، فالمونولوج شكل جديد من النظم والغناء معاً سمعه رامي أثناء وجوده بفرنسا فأعجب به ، وعندما عاد تعاون مع محمد القصبجي ، صديقه الملحن ، في إدخاله على الغناء المصري . ومن أشهر مونولوجات رامي والقصبجي والتي تغنت بها أم كلثوم : النوم يداعب عيون حبيبي ، وإن كنت اسامح وانسى الأسية ، وعينيّ فيها الدموع ، ويا اللي جفاك المنام ، وغيرها .

من أهم الأعمال الشعرية التي ترجمها رامي عن الأدب الفارسي رباعيات الخيام ، تلك التي قام بترجمتها أثناء وجوده بباريس ، بعد أن أوفدته دار الكتب إليها لدراسة فن المكتبات هناك ، فلما طلب إليه اختيار لغة من اللغات الشرقية لدراستها ، اختار الفارسية حتى يتقنها ويستطيع بعدها ترجمة الرباعيات نقلاً عن لغتها الأصلية ، لا عن ترجمتها الإنجليزية ، كما فعل من سبقوه إلى ترجمتها . وحين ظهرت رباعيات الخيام في ثوبها الجديد من نسج رامي ، اختلفت الآراء حولها ، بين مستحسن لها ومستهجن ، ولكن ، مهما تباعدت الآراء فيها أو تلاقت ، فإن فيها نفحة من روح الخيام ، وظلاً من فلسفته العميقة في الحياة بغير كذب أو تأويل ، فقد عايش رامي الخيام في رباعياته ، حتى اقتربت روح الشاعرين ، المصري والفارسي ،  فأحس رامي بهذا الامتزاج وكأنه وجد ضالته فيه .

اعتمد البحث في دراسة أشعار رامي على ديوان رامي الذي يحمل أعماله الكاملة بما فيها رباعيات الخيام وأزجاله . وقد تكوّن البحث من فصول ثلاثة هي : الفصل الأول ، وتم فيه دراسة أشعار رامي من ناحية موسيقى الشعر والأوزان العروضية وأنواع القوافي ، وموسيقى الحشو وأنواعها ، والظواهر الصوتية الأخرى التي تتردد داخل النص الشعري . الفصل الثاني ، تم فيه دراسة البنية التركيبية لأشعار رامي من حيث المعجم الشعري الخاص به ، وحقوله الدلالية ، ودلالة ذلك على عالم رامي الشعري ، مع قياس نسبة تنوع المفردات في شعره ، وذلك من خلال انتخاب عينة من أشعاره وإجراء دراسة إحصائية عليها. أما الفصل الثالث فقد تم فيه دراسة الصورة الشعرية الخاصة بالشاعر ، ومكونات تلك الصورة ، ووسيلته في تكوينها من حيث اعتماده على التشخيص والتجسيد والتجريد ، كما تعرض الفصل لدراسة الصورة الشعرية الرمز ، ودلالة ذلك الرمز على عالم الشاعر ، وبيان قيمة الرمز في إظهار عمق الصورة وتأثيرها في المتلقي ، مع بيان نسبة كثافة اللغة المستخدمة في أشعاره من أجل تقييم تلك الأشعار لغوياً ، وكانت وسيلة البحث في ذلك الإحصاء ، أو ما يسمى بالدراسة اللغوية الإحصائية ، والتي تجعل النص الشعري هو موضوع الدراسة وأساسها ، وهي وسيلة نقدية علمية تهدف إلى الكشف عن كنوز النص الأدبي ؛ فإن كان نظم الشعر فناً ، فنقد الشعر لابد أن يكون علماً مستنداً على ضوابط وإجراءات منهجية يستطيع بها الناقد أن يحلل النص وأن يظهر ملامحه الأسلوبية ، وبالتالي ، يوجه المتلقي إلى كيفية تذوقه والإحساس به . ثم اختتم البحث الفصول الثلاثة بخاتمة اشتملت على نتائج البحث التي توصل إليها من خلال دراسته لشعر رامي ، ثم قائمة ثبت المصادر والمراجع المستخدمة في البحث.

وبهذا ، حاول البحث إظهار خصائص شاعر الأغاني أحمد رامي الذي وقع في صعوبة لم يقع فيها شعراء الفصحى ؛ ذلك لأن شاعر الأغاني عندما يؤلف ، لابد أن تكون له عين على البساطة بغير سطحية وابتذال ، والثانية على الموسيقى ، ولذلك كان طريق شاعر الأغاني محفوفاً بمخاطر الانتقاد الدائم من قبل النقاد ، فغالباً ما يُتهم بالابتذال والسطحية . ولكن رامي استطاع تفادي ذلك ، فارتقى بشعره ، سواء في الفصحى أم العامية ، إلى أرقى المعاني والصور والألفاظ ، وهذا ما حاول البحث إثباته من خلال دراسة أشعاره .     

 فاتن سيد أحمد حسين ،"مظاهر الغنائية في شعر أحمد رامي" دراسة أسلوبيةرسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير ،كلية الآداب جامعة عين شمس قسم اللغة العربية وآدابها ،2003


 

مسرحيتا (محمد) لفريد رش فولف وتوفيق الحكيم دراسة نقدية مقارنة في ضوء نظرية التلقي

 

يهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على عملين تجاهلهما النقد الأدبي إلى حد كبير وهما مسرحية "محمد" للكاتب الألماني فريد رش فولف وكتاب محمد للكاتب المصري توفيق الحكيم. ويندر أن نجد لمسرحية فولف نقداً تفصيلياً في أي كتاب عن حياته وأعماله، وذلك باستثناء رسالتين للدكتوراه كتبا عن محمد في الأدب الألماني أحدهما للنمساوي ل.ليكسنر والثاني للعراقي عدنان رشيد ومسرحية فولف تقدم مشاهد من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة منذ نزول الوحي عليه ومحاولة الدائبة لإقناع كفار قريش بالرسالة والدين الجديد ولاقى من الكفار مقاومة وإيذاء شديداً، أي أن المسرحية تقتصر على الفترة الواقعة منذ نزول الوحي إلى هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، أما كتاب "محمد" لتوفيق الحكيم فيتناول حياة الرسول منذ مولده حتى وفاته وتضم 95 مشهداً حوارياً التزم فيها الكاتب التزاماً حرفياً أميناً بالنصوص والأقوال التي وردت في المراجع المعتمدة للسيرة النبوية الشريفة ولم يضف إليها- شيئاً من عنده.

 وتنقسم الرسالة إلى مقدمة وأربعة فصول وفصل خامس هو خاتمة الرسالة، أبرزنا في المقدمة أسباب اختيار الموضوع وأهميته والمناهج المستخدمة في الرسالة مع عرض موجز سريع لفصول البحث. وفي الفصل الأول تم التعريف بعدد من أهم المؤلفات التي تناولت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفاحه في سبيل تبليغ الرسالة سواء في اللغة الألمانية أو اللغة العربية. ففي اللغة الألمانية تم عرض الشذرات التي كتبها جوته أثناء انشغاله في شبابه بشخصية الرسول وحياته وهي "أنشودة محمد" والحوار بين فاطمة وعلي، ومشروع مسرحية لم ينجزها وإنما تحدث عنه في الفصل الرابع عشر من سيرة حياته "شعر وحقيقة".

ثم تناولت باختصار بعض المسرحيات التي اختارتها كأمته عن تنوع الاتجاهات فيما كتب عن الرسول صلى الله عليه وسلم. المسرحية الأولى "محمد" هي للكاتبة الرومانسية كارولينا فون جندرودة، وهي تتميز برؤيتها الرومانسية والمثالية الشديدة لشخصية محمد والمسرحية التالية عن "محمد" للمستشرق النمساوي الشهير يوسف فون همر بورجشتال، وهي مسرحية تاريخية قصد منها المؤلف أن ينصف الإسلام والرسول وتصحيح الأخطاء التي وقع فيها الكثير من الكتاب الذين تناولوا حياة الرسول قبله ثم عرضت باختصار رواية للكاتب التعبيري كلابند التي استمدها من الترجمة الألمانية لسيرة ابن إسحاق وصاغها برؤية وأسلوب تعبيري وقد تناولت كذلك عدد من أهم الكتب التي صدرت عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم باللغة العربية في نفس الفترة التي ظهر فيها كتاب توفيق الحكيم عن محمد وذكرت هذه الكتب باختصار لأبين أن النزعة العقلانية والتنويرية كانت هي الغالبة عليها في تناول شخصية محمد هذه الكتب هي (عبقرية محمد لعباس محمود العقاد)، (وعلى هامش السيرة للدكتور طه حسين) و(حياة محمد لمحمد حسنين هيكل) وذلك لإلقاء الضوء على العقلية والروحية السائدة في مصر ابتداء من عشرينات القرن الماضي إلى منتصف القرن.

في الفصل الثاني تناولت بالنقض والتحليل مسرحية محمد لفريد رش فولف التي كتبها أثناء الحرب العالمية الأولى سنة 1917م وقدمت لهذه الفصل بالكلام عن حياته واتجاهه إلى الحركة الاشتراكية بعد كتابة هذه المسرحية وذكرت بعض مسرحياته المشهورة التي كتبها بعد انضمامه للحزب الشيوعي، وقد قمت بتحليل نقدي لمسرحية "محمد" التي غلب عليها الأسلوب والرؤية التعبيرية، حيث كانت الحركة التعبيرية السائدة في تلك الفترة التي كتبت فيها المسرحية وأثر هذا على بناء الشخصيات والمشاهد وعلى فكر الكاتب ورؤيته الإنسانية، إذ تبين لي أنه استخدم شخصية محمد لتنطق بلسانه عن نزعته نحو السلام والأخوة البشرية ومقاومته للحرب. وقد قمت بتحليل مقدمة المسرحية وفصولها الأربعة، ووقف عند تحليل الشخصيات وبينت كيف أن الرؤية التعبيرية مع التراث اليهودي للكاتب قد أثر تأثيراً كبيراً على كتابته المسرحية ورؤيته المسيانية أو الخلاصية لشخصية الرسول.

وفي الفصل الثالث تناولت كتاب توفيق الحكيم "محمد" وبينت أنه شكل حواري جديد لم يسبق أحد إليه في كتابة السيرة النبوية الشريفة، كما أكدت أنه أبعد ما يكون عن البناء الدرامي الدقيق، وذلك هو الذي أكده من قبل الناقد الأدبي الكبير الدكتور محمد مندور في الكتاب الذي وضعه عن مسرح توفيق الحكيم ولم يعرض فيه بالتفصيل إلا للتطور المسرحي للكاتب ومسرحياته الكبرى التي كتبها بعد عودته من باريس.

وقد قمت لهذا الفصل بنبذه عن توفيق الحكيم وتطوره المسرحي، كما حللت هذه السيرة تحليلاً نقدياً وبينت أن الكاتب لم يلتزم تمام الالتزام بما تعهد به المقدمة من الالتزام بالنصوص الأصلية لبعض السير الكبرى المعروفة في التراث.

في الفصل الرابع عقدت مقارنة بين العملين ووقفت عند بعض النقاط التي تسمح بالمقارنة بينهما مثل شخصية "محمد" عند الكاتبين، وشخصية السيدة خديجة الزوجة الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم في مسرحية فولف بينما عند توفيق الحكيم تمتد الفترة الزمنية من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى وفاته، وأخيراً تكلمت عن المفهوم المعجزة عند الكاتبين وبينت أن الرؤية التعبيرية في فهم المعجزة تطغى على الكاتب الألماني إذ يضع المعجزة في القلب الإنساني العامر بالحب والرحمة، بينما تتجلى المعجزة عند توفيق الحكيم في القرآن الكريم كما ذكر بعض المعجزات الأخرى التي وردت في عدد من كتب السيرة وقد عرضت في هذا الفصل أيضاً آراء بعض الكتاب عن مفهوم المعجزة مثل المفكر محمد حسنين هيكل الذي يؤكد أن المعجزة الحقيقة في الإسلام هي القرآن الكريم وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن في حاجة إلى أي معجزات أخرى لتأكيد صدق نبوته وعظم رسالته.

أما في الفصل الخامس والأخير وهي خاتمة البحث فقد عرضت لنتائج البحث لشيء من التفصيل وأهم هذه النتائج تتلخص في:-

أولاً: إن الكاتب الألماني قد وقع تحت سيطرة النزعة التعبيرية سواء في الأسلوب أو الرؤية أو البناء الدرامي أو تصويره لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم كملخص وصاحب نزعة سلامية وبينت أيضاً أن الكاتب قد تأثر بتراثه اليهودي لتصويره لشخصية محمد عليه الصلاة والسلام عندما كان لا يزال صغيراً والذي تحدثت عنه بالتفصيل في الفصل الرابع.

ثانياً: إن الكاتب المصري قد التزم التزاماَ شديداً بالنصوص التراثية التي وردت في كتب السيرة والتاريخ المشهورة ويذكر لتوفيق الحكيم أنه أول المجددين في كتابة السيرة النبوية الشريفة إذ وضعها على هيئة مشاهد حوارية والتزم تماما الالتزام بالنصوص والأقوال والأفعال المأثورة في السيرة التراثية وتكاد بعض المشاهد في سيرته الحوارية أن تكون فصولاً لمسرحية متكاملة مثل مشهد غزوة أحد ومشهد انتقال
الرسول
الكريم إلى الملأ الأعلى وقد بينت أنه على الرغم من أن بعض المشاهد التي ذكرتها تكاد تكون مسرحية من فصل واحد من ناحية قيمتها الفنية والمسرحية ولكن عمل توفيق الحكيم ككل لا يمكن اعتباره عملاً من الأعمال الدرامية المتكاملة البناء لأنه يفتقد أن البناء الدرامي من حيث وحدة الزمان والمكان والحدث والواقع أن هذا العمل لا يصلح إلا للقراءة للاستمتاع بقراءة السيرة بهذا الشكل الحواري غير المألوف ولكن من المستحيل بطبيعة الحال في أن يفكر أحد في العالم الإسلامي أن يخرجه على المسرح.

ملخص رسالة ماجستير

المقدمة من الباحثة/ نوران عبد الغفار مكاوي

"تحت عنوان"

مسرحيتا (محمد) لفريد رش فولف وتوفيق الحكيم

دراسة نقدية مقارنة في ضوء نظرية التلقي

 

أشهر المستشرقين ومختصر لموقفهم من الإسلام وقضاياه


أولًا: سير توماس أرنولد  thomas arnold 1864م ـ 1930م

إنجليزي قضى عدة سنوات في الهند، وهو أول من جلس على كرسي الأستاذية في قسم الدراسات العربية في مدرسة اللغات الشرقية بلندن في عام 1904م، ثم اختير عميدًا لها، وقد زار مصر في أوائل عام 1930م، وحاضر في الجمعية المصرية عن التاريخ الإسلامي، وله مؤلفات كثيرة ومقالات عديدة تشهد بسعة اطلاعه وتعمقه، ومن أهمها: "الدعوة إلى الإسلام" نقله إلى العربية د. حسن إبراهيم([1]) وآخرون، وكتاب "الخلافة" الذي استقصى فيه تاريخها في مختلف العصور، ونقله إلى العربية جميل معلى 1950م.

وكان لأرنولد ردود كثيرة على بعض المستشرقين؛ ومن ذلك نفيه أن الإسلام انبثق من البيئة بقوله:"لا يعزب عن البال كيف ظهر جليًا أن الإسلام حركة حديثة العهد في بلاد العرب الوثنية، وكيف كانت تتعارض المثل في هذين المجتمعين تعارضًا تمامًا؛  ذلك أن دخول الإسلام في المجتمع العربي لم يدل على مجرد القضاء على قليل من عادات بربرية وحشية فحسب؛ وإنما كان انقلابًا كاملًا لمثل الحياة التي كانت من قبل...."([2]). 

وكذلك استنكاره على بعض المستشرقين ترديد فكرة عدم عالمية الإسلام ورده عليهم ردودًا قوية بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة([3]).

ثانيًا: كارل بروكلمان c brockelmann  1868م ـ 1956م :

ألماني الأصل وهو صاحب أكبر موسوعة في تاريخ الآداب العربية باللغة الألمانية ومن مؤلفاته الهامة "تاريخ الشعوب الإسلامية"، وقد ترجم من الألمانية إلى الإنجليزية، وكان بروكلمان عضوًا بالمجمع العربي في دمشق([4]).

ثالثًا : فينسنك wensinck 1882م ـ 1939م :

عدو لدود للإسلام ونبيه، وكان عضوا بالمجمع اللغوي بمصر، وأخرج منه على إثر أزمة أثارها الطبيب حسين الهواري مؤلف كتاب "المستشرقون والإسلام" صدر عام 1936م؛  وذلك بعد أن نشر فينسنك رأيه في القرآن الكريم والرسول r مدعيا أن القرآن منتج ومؤلف من خلاصة الكتب الدينية والفلسفية التي سبقته، ويعرف لهذا المستشرق كتاب تحت عنوان "عقيدة الإسلام" صدر عام 1932م([5]).

رابعًا : سير هاملتون جيب  sir hamilton jib 1895م ـ 1965م:

إنجليزي من مواليد الإسكندرية بمصر كان عضوًا بالمجمع العلمي العربي بدمشق والمجمع اللغوي بمصر، كان يحفظ نصوص العربية ويرويها في محاضراته ويكتبها في سلاسة، وكان آخر ما شغله من مناصب في إنجلترا مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية([6])، مؤلفاته كثيرة جدًا ذكرها العقيقي في صحيفته([7])، ومنها "نظرة تاريخية عامة" لندن 1949م، و"دراسات في الحضارة الإسلامية" 1963م، وله بالفرنسية كتاب تحت عنوان "بنية الفكر الديني الإسلامي" يعتبره الشرقيون في غاية الإنصاف، بل ومدحوه كثيرًا في مناسبات عديدة([8]).

خامسًا: جولد تسيهر  goldziher1850م ـ 1920م: 

مجري يهودي، درس على يد كبار الأساتذة في بودابست وبرلين وليدن، وانتدب من حكومة بلاده للقيام برحلة إلى سوريا عام 1873م، ثم تركها إلى مصر وفلسطين؛ حيث درس العربية على شيوخ الأزهر وتزيا بزيهم، وانتخب عضوًا في مجامع كثيرة، وأسهم في مؤتمرات استشراقية عديدة، واحتوت مكتبته على عشرات الآلاف من الكتب والمجلدات في الفقه والفلسفة والفنون واللغة والآداب حتى وصفه أحد المستشرقين بقوله: إنه أكبر العلماء اليهود على الإطلاق، ومكتبته التي تضم 28 ألف مجلد هي الآن في إسرائيل([9]).

والملاحظ أن جولد تسيهر كان واسع الاطلاع، ذائع الشهرة، وقد مكنه ذلك من الدس على الإسلام في كتاباته مع قدرته الفائقة على التمويه والخداع، ومن هنا تكمن خطورته([10]).

سادسا : مرجليوث margoliuth 1858م ـ 1940م :

إنجليزي، رئيس تحرير مجلة الجمعية الملكية الآسيوية ونشر بها بحوث عديدة، وعين أستاذًا للعربية بجامعة أكسفورد، انتخب عضوًا بالمجمع العلمي بدمشق والمجمع اللغوي البريطاني والجمعية الشرقية الألمانية، ومؤلفاته وبحوثه وتحقيقاته كثيرة منها "محمد وقيام الإسلام"، و"أصول الشعر العربي الجاهلي"، و"العلاقات بين العرب واليهود"([11]).

نقل عنه طه حسين([12]) فكرة أن الشعر الجاهلي موضوع بعد ظهور الإسلام، ورد عليه كثير من الباحثين هذه الفرية المزعومة([13]).

ومن أعجب ما ذكره مرجليوث أن الآيات التي تقص مجيء إبراهيم إلى مكة واستيطان ذريته جوار البيت العتيق مفتعلة، دعا إلى افتعالها رغبة النبي في تأليف اليهود وإثبات صلة قرابة بينهم وبين العرب.[14]

 الهوامش


([1]) دكتور في التاريخ والفلسفة ودرس التاريخ الإسلامي بكلية الآداب بالقاهرة واختير عميدًا لها، كان كثير الترجمة فيما يصنف، توفي بالقاهرة عام 1968م ـ الأعلام، 2/179.

([2]) توماس أرنولد: الدعوة إلى الإسلام، صـ61، 63، ترجمة حسن إبراهيم وآخرين، ط3، مكتبة النهضة 1971م، د حسن إبراهيم: تاريخ الإسلام الديني والسياسي، جـ1، صـ168، ط7، سنة 1964  د علي شاهين: دراسات في الاستشراق، صـ87.

(3) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ2، صـ504، 505، ط3، دار المعارف، سنة 1964م.

([4]) أ د محمد البهي: الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي، صـ442، مكتبة وهبة، ط12، سنة 1991م.

([5]) السابق: صـ450.

([6])  نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ2، صـ551، 552، ط3، دار المعارف، سنة 1964م، إبراهيم خليل أحمد: الاستشراق والتبشير وصلتهما بالإمبريالية العالمية ، صـ61 مكتبة الوعي العربي، سنة 1972م.

([7]) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ2، صـ552، 554، ط3، دارالمعارف، سنة 1964م،  د محمد البهي: الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي، صـ448، مكتبة وهبة، ط12، سنة 1991م.

([8]) د عبد الجليل شلبي: صور استشراقية، صـ36، مجمع البحوث الإسلامية 1978م، عباس محمود العقاد: ما يقال عن الإسلام، صـ49، دار الهلال 1970م، أحمد محمد جمال: مفتريات على الإسلام صـ36، مطبوعات الشعب، القاهرة، سنة 1975م.

([9]) نجيب العقيقي: المستشرقون، جـ3، صـ906.

([10]) د علي شاهين: دراسات في الاستشراق، صـ119.

([11]) د محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث، صـ451، العقيقي: المستشرقون، صـ518، 520، محمد عزت الطهطاوي: التبشير والاستشراق، صـ42، 48، ط مجمع البحوث الإسلامية.

(4) ولد عام: 1889م، في قرية الكيلو بإقليم المنيا بصر المحروسة، ودخل الأزهر 1902م، ودخل الجامعة الأهلية 1908م، إلى عام 1914م، وسافر بعدها إلى فرنسا وحصل على الدكتوراة وموضوعها "ابن خلدون" تحت إشراف عالم الاجتماع اليهودي دوركايم وعاد إلى القاهرة وعمل مستشارًا لوزارة المعارف ثم وزيرًا لها، وأحيل للمعاش 1949م ولقي ربه بعدها ـ الأعلام، 3/231. 

([13]) العقيقي: المستشرقون، جـ3، صـ151، أنور الجندي: مؤلفات في الميزان، قوم فيه أعمال طه حسين في هذا الصدد ونشرته دار الاعتصام، د علي شاهين: دراسات في الاستشراق، صـ90.



الاندماج السياسى تجاه القضية الفلسطينية (مستخلص)

 

      يهدف البحث إلى دراسة أثر التطور فى الاندماج السياسى الأوروبى على سياسة الاتحاد الأوروبى تجاه القضية الفلسطينية عبر ست سنوات من عام 2000 إلى عام 2006، سعياً إلى تقييم هذه السياسة من حيث درجة الاستقلالية والمبادرة ومدى تأثيرها على مسار عملية تسوية الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى.

ينقسم هيكل الدراسة إلى مقدمة وفصل تمهيدى وثلاثة فصول وخاتمة،وذلك على النحو التالى:

المقدمة: تتناول الإطار العام للدراسة متضمناً المشكلة والأسئلة البحثية، الفترة الزمنية الدراسة وأهميتها، والدراسات السابقة، ومنهج الدراسة وإطارها النظرى.

فصل تمهيدى: يتناول الخبرة التاريخية للاندماج السياسى الأوروبى منذ عام 1970 وحتى عام 2000، ومراجعة المواقف الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية خلال تلك الفترة ومدى ارتباط تبلور هذه المواقف بالتطور فى الاندماج السياسى الأوروبى.

الفصل الأول: يتم فيه دراسة تطور الاندماج السياسى الأوروبى خلال فترة الدراسة (2000 – 2006)، وموضع القضية الفلسطينية على أجندة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى مقارنة بقضيتى "الإرهاب" والحرب على العراق.

الفصل الثانى: يتم فيه دراسة سياسة الاتحاد الأوروبى تجاه القضية الفلسطينية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى فى سبتمبر 2000 وحتى نهاية عام 2006، من خلال قراءة وثائق مؤسسات صنع القرار فى الاتحاد الأوروبى (المجلس والمفوضية والبرلمان)، وموقف الدبلوماسية الأوروبية ممثلة فى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة.

الفصل الثالث: يتناول المحددات الداخلية والخارجية لسياسة الاتحاد الأوروبى تجاه القضية الفلسطينية. وتتمثل المحددات الداخلية فى آلية السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، فى حين يركز البحث على دراسة المحدد الخارجى المتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وفى الخاتمة أجابت الدراسة عن تساؤلاتها البحثية وكانت أهم نتائجها ما يلى:

   1- هناك خط عام لسياسة الاتحاد الأوروبى تجاه القضية الفلسطينية. وتتمثل الملامح العامة لهذه السياسة فى:

-   دور سياسى محدود، بحيث لا يتدخل الاتحاد الأوروبى إلا فى حالات تراجع الدور الأمريكى. لكن حتى هذا التدخل فى هذه الحالة يكون محدودا ودون أن يترجم الاتحاد الأوروبى مواقفه المعلنة إلى برامج عمل وسياسات وآليات للتنفيذ.

-   دور اقتصادى نشط، على صعيد تمويل نمط معين من التسوية مدعوم أمريكياً، وكذلك على صعيد تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى، ولكن دون توظيف الأدوات الاقتصادية للضغط السياسى على إسرائيل.

-       إطلاق المبادرات الإقليمية، بهدف الحفاظ على ما تعتبره أوروبا استقرارا للمنطقة وحماية مصالحها فيها.

ومن ثم فلا يمكن اعتبار الاندماج السياسى متغيراً مستقلاً يؤدى تطوره – بالضرورة – إلى تطور الموقف الأوروبى الجماعى من القضية الفلسطينية على صعيد كل من المواقف المعلنة والسياسات العملية.

2- لم يتغير وضع القضية الفلسطينية على أجندة قضايا السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى على الرغم من اتساع تلك الأجندة بفعل توسيع عضويته. فلقد عكست الوثائق الرسمية الأوروبية رؤيةً إستراتيجية ترى فى تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة وشاملة طريقاً إلى تحقيق الاستقرار وحل كافة صراعات المنطقة.

3- أزمات المنطقة العربية كانت دوما محكا لاختبار درجة صلابة البنيان السياسى الأوروبى. وفى نفس الوقت كانت الأزمات دافعا للأوروبيين لمراجعة ما أنجزوه والعمل على تحقيق إصلاحات هيكلية من أجل المزيد من الاندماج.

علياء وجدى يسرى على يوسف  

 عنوان الرسالة: أثر الاندماج السياسى الأوروبى على سياسة الاتحد الأوروبى تجاه القضية الفلسطينية (2000 – 2006)